أنادي الذي بهوى الحسان تفردا
أنظر فؤاداً لا يطيق فيصمدا
الزمت نفسي الصبر حتى أنني
لا أستطيع عليه أن اتجلدا
لو كان أبقاه المقام لعاده
وهو الشغوف لأن يزيد به المدى
وما ثنيت القلب خشية قوله
لكن ثناء العارفين تجددا
قمرٌ يضيء ونجمه من حوله
وساهرٌ في ليلهِ قد أنشدا
جاءت بهِ الأيام قلّ مثيلها
ومضى بهِ شوقاً ولم يترددا
ولم يخب حظٌ له في قصده
ولم يعد عما أراد وأوعدا
فسرّه كيف الوصول لوصلهِ
وأسرّه ما قد أسرّ وأسعدا
وشاكرُ النّعماء صان نعيمهُ
ومنعمٌ لمّا عليهِ توسدا
حلت بهِ خلق الكرام وأصلهُ
ولا يُرى فيما يقول مفندا
فراود الطيف الذي قد طاف بي
شوقاً مع الأيام عشقاً قد بدا
فصد أبواباً يحاذر فتحها
وأتاح باباً للهوى قد أوصدا
ويقول قولاً من محاسن قوله
قولاً يقال ولا يقال مقلدا
أتاه شوقاً فاستزاد بمثله
وأتى عليه لعل أن يتزودا
نادى المنادي فاستجل بقدره
ونظرت بالخبر المقدم مبتدا
فكأن أرضاً قد أتاها أزهرت
وتبدلت ورداً تقاطر بالندى
وتجاورت سحباً أفاء بظلها
شوقاً يساق مع السحاب توددا
وأبتل غصنٌ قد أطل بفرعه
وعلاهُ طيرٌ في السماء وغردا
وراءٍ رأى الطرف الذي يهوي بهِ
روّى وأروى ما أراد وأوردا
يُصيب رأياً قد أثار بفكره
ويثيرُ من نسق الخطاب تواردا
فالنفس لانت وأستجد به الهوى
وسما بقلبٍ فالطروبُ رواكدا
أوفى البنانِ ولا يكون لمثله
من الحسان في رميهِ قد سُددا
ولقد أصاب وهو المصاب برميه
كيف المصاب مع المصاب ممددا
ليست كأذكار بشكوى أصابها
قد صاب قوماً في حديثٍ قد بدا
حبل الهوى دوماً يصبُّ بوصله
لم يسترح ولقد مددت له اليدا
حوراء نالت لا تمِلُ بخدرها
وافت بحسن يستميلُ نواهدا
غير الذي أو حين يأتي وكلما
فيما يكون أو حيثما كانت عدا
قد قال قلب قوله مع قولها
قولي بقلبي ما يُقال مقيدا
لا تحسبين الليل ينكر صبحه
لا والذي قد تعشقين تبعّدا
والنجمُ يسهر في الدجى طلباً لهُ
والبدر كالعرجون عاد وجددا
والليل يصفوا في سماء مساءه
لما أنجلى عنه الظلام وبددا
فأتى النسيم يزوره في روضهِ
بعد الغياب مداعباً ومُسددا
وموردٍ عذبٍ عشقت ورودهُ
قد طاب ورداً فاستحق الموردا
في ظل باسقةٍ تأصل عرقها
وأهتزها بعد القيام فأنضدا
بالرأس تاجٌ والسيوف بقربهِ
يردين من رام المرام مع العدا
أرخى ظلالاً يستطاب حديثها
وسرّى لنفسٍ ما ألمّ وأجهدا
منازلٌ فيها الكرام ولجنها
أصبن قدراً للكرام ومنتدى
يزدان حسناً إن تلاقينا بهِ
وبهن يغدو في الجمالِ مجددا
رطبن طعماً دون ذلك مطلبٌ
وبها الجزاء مع الكتابِ مخلدا
فكأن داراً قلّ فيها أصبحت
من دونهن كما الهشيم معضدا
لولا العيون ومدادها في ماءها
ومعينها في عينها لا يرتدا
نادت عليه بنظرةٍ من عينها
وتغضُ عنه إن ناظرتهُ تزهدا
فقد رآها ولا يراها في حيرةٍ
وحنينها أسفاً عليه تكمدا
والمرء غالب في المنال وربما
قد صار عوقاً ما يشاءُ مهددا
ما كان يغشى لولا أن خليلهُ
أماط عنه من اللثام فأوقدا
فليس ينوي إلا الرباط لوصلهِ
متوكلاً وبعزمه أن يُعقدا
أجاب صوتاً لا يُرادُ لغيره
ما ذاك إلا للمريب ترصدا
وأناخ بوسطٍ للشعاب ركابهُ
لا السيل يخشى سيره المتجرهدا
يجري عليه ما تعاهد غيرهُ
ويجري بهِ رأي لوهم أبعدا
يبقي به وهو المريد لوصله
كذا المبادر لا يريدُ تفردا
فما خلا يخلوا الخليل بخلّهِ
ولا أنجلى نعتُ الجلال فأوجدا
يحثُ نحواً من خطاهُ لأجلهِ
ومن سار قبلاً عاب أن يترددا
وأطلال ذكرى في معارج عهدهِ
لاقت سنا برقٍ أضاء فأصعدا
روافد العهد القديم طلبنهُ
ويطلبنهُ العهد الجديد روافدا
لعل أن يحدوا لما يسمو له
ليرى بهِ أن المقام ممجدا
أيدان من مد اليدان لوصله
وهل لجرحٍ من يديه أن يُضمدا
وسائلٌ يهوى السؤال وظنهُ
صمت المجيب عن الجواب توجدا
لا الظن يصدق في الصبابةِ حدسهُ
عشق الظنون يسوقه نحو الردى
ولا الليل يلقى بالنهار تلاقياً
يواريه ستراً أو يكاشفهُ صدى
والضيف يكرم عند أول منزلٍ
يدنو إليهِ راغباً أو أبعدا
وإذا السقيم لايستقيم في صنعهِ
فصنيعهُ بعد النفاق تمردا
عادت له دون الجزاء نقيضها
كغارسٍ أوفى الجناةَ ليحصدا
والأمرُ منه سجيةٌ في طبعهِ
بالكاد يعرف في وصفه متبلدا
جاءت له وبها غوابرُ عصرها
صنوفٌ تهاوت أزدرتهُ الألودا
ويومان عمرك فأغتنم أكفأهما
وأركن إلى ذات المعالي عن الردى
وأقبل عليها راغباً في ملكها
وأقبل إليها وقد عرفت الموعدا
واجعل لنفسك عند نفسك صاحباً
إن عز أمرٌ ترتجي أن يرفدا
ولا ترد الذكر عنها جهالةً
تريد صفحاً أن تغرك أبجدا
دعا وأمّن للدعاءِ في خلوةٍ
يلقى بها قدرٌ عليه تحددا
ليست ككل العنق قد يرنوا لها
معدولها في الحسن ينطق رائدا
كذا المتون لا يستطابُ مآلها
إلا وعنها مخبرٌ قد أسندا
سبلاً تصدُ عن السبيل سبيلهُ
وما السبيلُ الى السبيلِ مقيدا
لا يدرك الغيب المغيب غيبهُ
ينجوا بهِ أو منكرٌ قد الحدا
مال المكارمِ قد تقاصرَ عزمها
وجاءها بأسُ الرديء فأفسدا
فالكل يسعى سعيهُ من دونها
إلا قليلٌ أو أقلّ وأقصدا
داعى الدعيُّ أن ينوء بحملها
وليس إلا مسرفٌ مترددا
أدى الشهادةَ دون أن يُدعى لها
في مجلسٍ الثلثُ فيهِ تسيدا
فقانعٌ بها في الحياةِ ومعترض
يشقى ليلقى في الحياةِ تكبدا
وما التزمت من الوعود فجد بهِ
إن الوفيَّ على الوفاءِ تعودا
وإذا يشاءُ مع اللقاء فخذ بها
فما تقدر للقضاء وحددا
ولو تباطىء سعيُها من لائمٍ
بلقاءِ يومٍ أو توافيهِ غدا
ولا تضيع مكارمٌ مع جاهلٍ
إلا بإذن الله تلقى مجددا
حديثُ نفسٍ أن تحوز رضاءها
بحظٍ رشيدٍ ترتضي أن يُرشدا
لا كالتي من دون تلك وإنما
أولى وأولى ثم أولى فأوكدا
هيهات أن ترعى الحياة بمعزلٍ
وتلك المداركُ في الزمان تعددا
صارت كذلك بعد ما كانت على
وكادت تكون وقد تداركها الهدى
قد أقسم الرحمن بالقلم الذي
خبرٌ يُسَطرُ للسماءِ وقُيدا
يجلوا به كل الظلام عن الورى
ويُنير ليلاً قد تتابع سرمدا
ويطرد الجهل المعممُ وصفهُ
على العقول وحقهُ أن يطردا
تلك النقول وقد تسطر حرفها
أبقى بها قلمٌ فصارت تقتدى
والحرفُ يأتيهِ المدادُ وأمرهُ
كبان ِ قصرٍ قد يكونُ ومسجدا
وإن بدت بيضاء يكمل بدرها
فحاجب الغيم المعتّمُ أسودا
فيكون بأمر الله غيثاً ماطراً
لتسر بيسرٍ معهُ يسر مسردا
لا تبتئس فالمرجفون مآلهم
دارت بهم شر الدوائرِ أنكدا
وإذا دهتك من النوائب بعضها
فأعلم يقيناً أن غيباً قد بدا
ما تستوي إلا ويظهرُ ميلها
لا ترعوي إلا لامرٍ شُددا
فحالها من حالها وهي التي
فانبذ إليها إن المصائب تُفتدى
من عاش يبلى بالصحيح وغيره
كذا الصراطِ على السعيرِ ممددا
خذ بالعدول لكلِ نهجٍ لايفي
وخذ بالعدول لكلِ نهجٍ أُفردا
وحمل التي أشفقن منها جهالةً
أشدُ بها ظلماً يقال ومشهدا
والمرء ينقص أمرهُ من أمرها
فإن لم يزد منها توارى زائدا
ياليت كانت لا تفيدك بعدما
فأترك أذاها وأعتبر مسترشدا
ومنصف لك من يخصك خصلة
يُحصيك من شرِ الخصالِ وأحمدا
للضامرين من الضمير ضميرهم
غاب الضمير عن الغياب فأرشدا
ومشارك لك قد بليت بقوله
إن جد أمرٌ في اللقاء تحيدا
من ذا الذي لولاك كنت لما أتى
ومن ذا الذي ألفاه ميلاً فأسندا
من ينتصر للناس يرقب شرهم
ومن ينتصر لله يُبوأ مقعدا
والموت وصل بالتي ستنالُها
وإن بدا لك فيه قطعٌ أو بدا
ولا يضر القوم جهل عدوهم
إذا العزومُ مع الرجال تأكدا